الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***
قلت أرأيت لو أن نهرا لي انخرق إلى أرض لي فجاء رجل فبنى عليه رحى ماء بغير أمري فأصاب في ذلك مالا قال أما ما بني في الأرض فالكراء له لازم فيما بنى وأما الماء فلا كراء لصاحب الماء على صاحب الرحى لأن الماء لا يؤخذ له كراء. قلت أتحفظه عن مالك قال سمعت مالكا يقول في البركة تكون للرجل والغدير يكون فيه الحيتان والبحيرات ويكون في ذلك كله السمك فيريد أهله أن يبيعوه؟ قال لا يعجبني بيعه ولا ينبغي لأهله أن يمنعوا منه أحدا يصيد فيه ولا يمنعوا من شرب لشفة ولا سقي كبد. وقال مالك ولا يمنع الماء لشفة ولا لسقي كبد إلا ما لا فضل فيه عن صاحبه فلا أرى لماء النهر كراء للذي قال مالك في هذه الأشياء قال ولقد سألت مالكا عن بئر الماشية أيستقي منها الناس لمواشيهم على ما أحب أهلها أو كرهوا؟ قال لا إلا عن فضل ألا ترى أن الحديث إنما هو لا يمنع فضل ماء فهم أحق بمائهم حتى يقع الفضل فإذا كان الفضل فالناس في الفضل سواء. قلت أرأيت إن بعت شرب يوم أيجوز هذا أم لا؟ قال قال مالك هو جائز. قلت فإن بعت حظي بعت أصله من الشرب وإنما لي فيه يوم من اثني عشر يوما أيجوز في قول مالك؟ قال نعم. قلت فإن لم أبع أصله ولكن جعلت أبيع منه السقي إذا جاء يومي بعت ما صار لي من الماء ممن يسقى به أيجوز هذا في قول مالك؟ قال نعم. قلت أكان مالك يكره بيع ماء مواجل ماء السماء قال سألت مالكا عن بيع ماء المواجل التي على طريق أنطابلس فكره ذلك. قلت فهل كان مالك يكره بيع فضل ماء الزرع من العيون والآبار فقال لا بأس ببيع ذلك. قلت فهل كان مالك يكره بيع رقاب آبار ماء الزرع قال قال مالك لا بأس ببيع ذلك. قلت وكذلك العيون لا بأس ببيع أصلها وبيع مائها ليسقى به الزرع؟ قال نعم لا بأس بذلك عند مالك. قلت وإنما كره مالك بيع بئر الماشية أن يباع ماؤها أو يباع أصلها؟ قال نعم. قلت وأهلها أحق بمائها حتى إذا فضل عنهم كان مالك يكره بيع آبار الشفة قال قال مالك ان كانت البئر في داره أو أرضه لم أر بأسا أن يبيعها ويبيع ماءها قلت وأهلها أحق بمائها حتى إذا فضل عنهم كان الناس فيه إسوة؟ قال نعم. قلت وكان مالك يجعل صاحبها أحق بمائها من الناس؟ قال نعم. قلت فالمواجل أكان مالكا يجعل ربها أحق بمائها قال أما كل من احتفر في أرضه أو داره يريده لنفسه مثل ما يحدث الناس في دورهم فهم أحق به ويحل بيعه وأما ما عمل من ذلك في الصحارى وفيافي الأرض مثل مواجل طريق المغرب فإنه كان يكره بيعها من غير أن يراه حرما وجل ما كان يعتمد عليه الكراهية واستثقال بيع مائها فقد فسرت لك ماسمعت ووجه ما سمعت منه وهي مثل الآبار التي يحتفرونها للماشية أن أهلها أحق بها حتى يرووا ويكون للناس ما فضل إلا من مر بها لسقيهم ودوابهم فأولئك لا يمنعون كما لا يمنعون من شربهما منه. قلت أرأيت بئر الماشية أتباع في قول مالك؟ قال لا. قلت فما كان منها مما حفر في الجاهلية والإسلام في قول مالك؟ قال نعم. قلت فلو أن رجلا حفر في أرضه بئرا لماشية منع من بيعها وصارت مثل ما سواها من آبار الماشية قال سمعت مالكا يقول لا تباع ماء بئر الماشية وإن حفرت من قرب يريد بقوله من قرب قرب المنازل فلا أرى أن تباع إذا كان إنما احتفرها للصدقة فأما ما احتفر لغير الصدقة وإنما احتفرها لمنفعته في أرضه لبيع مائها ويسقي بها ماشية نفسه فلا أرى بأسا ولو منعته بيع هذه لمنعته أن يبيع بئره التي احتفر في داره لنفسه ومنافعه وأما التي لا يباع ماؤها من آبار الماشية التي تحتفر في البراري والمهامه فتلك التي لا تباع والذين حفروها أحق بمائها حتى يرووا فهذا أحسن ما سمعت وبلغني. قلت أرأيت بئر الماشية ما كان في الجاهلية وفي الإسلام وقرب المنازل أليس أهلها أحق بمائها حتى يرووا فما فضل كان الناس فيه سواء في قول مالك؟ قال نعم. قال مالك ألا تسمع إلى الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال لا يمنع فضل ماء فأهله في الحديث الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أحق به وما فضل فالناس فيه سواء لأن النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال لا يمنع فضل ماء فجعل لهم أن يمنعوا ما لم يقع الفضل فإن وقع الفضل فليس لهم أن يمنعوا. قال وسمعت مالكا يقول الحكرة في كل شيء في السوق من الطعام والزيت والكتان وجميع الأشياء والصوف وكل ما أضر بالسوق. قال والعصفر والسمن والعسل وكل شيء قال مالك يمنع من يحتكره كما يمنع من الحب. قلت فإن كان ذلك لا يضر بالسوق قال مالك فلا بأس بذلك. قلت أرأيت إن اشترى رجل في القرى خرج إليها فاشترى فيها ليجلبها إلى السوق وكان ذلك مضرا بالقرى يغلي عليهم أسعارهم. قال سألت مالكا عن أهل الريف إذا احتاجوا إلى ما بالفسطاط من الطعام فيأتون فيشترون من الفسطاط فأراد أهل الفسطاط أن يمنعوهم وقالوا هذا يغلي علينا ما في اسواقنا أترى أن يمنعوا قال مالك لا أرى أن يمنعوا من ذلك إلا أن يكون ذلك مضرا بالفسطاط فإن كان ذلك مضرا بهم وعند أهل القرى ما يحملهم منعوا من ذلك وإلا تركوا. قال فأرى القرى التي فيها الأسواق بمنزلة الفسطاط. قلت أرأيت إن قلت لرجل أشتري منك هذا العسل أو هذا السمن بمثل ما أخذ منك فلان منه بذلك السعر قال قال مالك لا خير في ذلك. قلت وكذلك هذا في الخياطة إذا قال أخيط لك هذا الثوب بمثل ما خطت به لفلان من الأجر والصناعة والصباغ يصبغ لرجل ثوبا فهو بهذه المنزلة كل هذا مكروه عند مالك وكذلك هذا في الإجارة يقول أؤاجرك نفسي مثل ما آجر فلان نفسه قال وهذا كله مكروه من قول مالك إذا لم يعلم ما كان أول ذلك. قال وسمعت مالكا وسئل عن رجل اشترى ثلاث جنيات من رجل من حائطه ما استجنى منها فهو له من حساب أربعة آصع بدينار؟ قال لا بأس بذلك وهو أمر معروف وهو مثل ما يقول أشتري منك طعامك هذا كله أو حائطك هذا كله أربعة آصع بدينار لأن السعر قد عرف. فإن قال قائل فالذي يستجني لا يدري ما هو قال مالك فكذلك الحائط والزرع والبيت فيه القمح يشترى كله ثلاثة أرادب بدينار أو أربعة أرادب بدينار والسعر قد عرف فلا يدري كم يخرج من هذا الحائط فالثلاث جنيات مثل ذلك وسئل مالك عن الرجل يشتري بأربعين دينارا من رطب حائط ما يجنى كل يوم يأخذ بحساب ثلاثة آصع بدينار قال قال مالك لا خير في هذا إلا بأمر معروف يأخذ كل يوم. قال وقد كان الناس يتبايعون اللحم بسعر معلوم فيأخذ كل يوم وزنا معلوما والثمن إلى العطاء فلم ير الناس بذلك بأسا واللحم وكل ما يباع في الأسواق مما يبتاع الناس فهو كذلك لا يكون إلا بأمر معلوم ويسمى ما يأخذ كل يوم وإن كان الثمن إلى أجل معلوم أو إلى العطاء إذاكان ذلك العطاء معلوما مأمونا إذا كان يشرع في أخذ ما اشترى ولم يره مالك من الدين بالدين قال مالك ولقد حدثني عبد الرحمن بن المجبر عن سالم بن عبد الله قال كنا نبتاع اللحم كذا وكذا رطلا بدينار يأخذكل يوم كذا وكذا والثمن إلى العطاء فلم ير أحد ذلك دينا بدين ولم يروا بذلك بأسا. قلت أرأيت إن اشتريت هذه الدار كل ذراع بدرهم ولم اسم عدد الأذرع فقلت قيسوها فقد أخذتها كل ذراع بدرهم أو قلت قد أخذت هذه الثياب كل ذراع بدرهم فقلت أذرعوها ولم اسم الأذرع. قال ابن القاسم أرى أن الدار جائزة والثياب جائزة. قلت أرأيت إن اشتريت هذه الأثواب كل ثوبين بعشرة دراهم أو هذه الغنم كل شاتين بعشرة دراهم فأصبت فيها مائة ثوب وثوبا أو أصبت في الغنم مائة شاة وشاة هل يلزمني الشاة الباقية أو الثوب الباقي الذي ليس معه آخر؟ قال نعم يلزمك نصف العشرة وإنما ذلك بمنزلة ما لو قلت أشتري منك هذه الغنم كل شاتين بدينار أو كل ثوبين بدينار فيجد في ذلك ثوبا زائدا فيلزمه نصف الدينار فكذلك الدراهم. قلت أرأيت الشاة إذا باعها الرجل أو البعير أو البقرة فاستثنى منها ثلثا أو ربعا أو نصفا أو استثنى جلدها أو رأسها أو فخذها أو كبدها أو صوفها أو شعرها أو كراعها أو استثنى بطونها كلها أو استثنى أرطالا مسماة كثيرة أو قليلة أيجوز هذا البيع كله في قول مالك أم لا؟ قال أما إذا استثنى ربعها أو ثلثها أو نصفها فلا بأس بذلك عند مالك وأما إذا استثنى جلدها أو رأسها فإنه إن كان مسافرا فلا بأس بذلك وإن كان حاضرا فلا خير فيه. قلت ولم أجازه في السفر وكرهه في الحضر قال السفر إذا استثنى فيه البائع الرأس أو الجلد فليس لذلك عند المشتري ثمن قال مالك وأما في الحضر فلا يعجبني ذلك لأن المشتري إنما يطلب بشرائه اللحم. قلت أرأيت إن قال المشتري إذا اشترى في السفر واستثنى البائع رأسها وجلدها قال المشتري لا أذبحها قال لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أن مالكا قال في الذي يبيع البعير الذي قام عليه يبيعه من أهل المياه ويستثني البائع جلده ويبيعهم إياه ينحرونه فاستحيوه قال مالك أرى لصاحب الجلد شروى جلده. قال فقلت لمالك أو قيمة الجلد قال مالك أو قيمة الجلد كل ذلك واسع. قلت وما معنى شروى جلده عند مالك قال جلد مثله. قال فقلنا لمالك أرأيت إن قال صاحب الجلد أنا أحب أن أكون شريكا في البعير بقدر الجلد قال مالك ليس ذلك له يبيعه على الموت ويريد أن يكون شريكا في الحياة ليس ذلك له وليس له إلا قيمة جلده أو شرواه فمسئلتك في المسافر مثل هذا. قال وأما إذا استثنى فخذها فلا خير في ذلك. قلت وهذا قول مالك في الفخذ؟ قال نعم وأما كبدها فإن مالكا؟ قال لا خير في البطن والكبد من البطن. قال وأمااستثناؤه صوفها أو شعرها فإن هذا ليس فيه اختلاف إنه جائز. قال وأما الأرطال إذا استثناها فإن مالكا قال إن كان الشيء الخفيف الثلاثة ارطال والأربعة فهو جائز. قلت أرأيت إن استثنى أرطالا مما يجوز له فقال المشتري لا أذبح قال أرى أن يذبح على ما أحب أو أكره. قال ابن وهب قال لي مالك فيمن باع شاة حية واستثنى جلدها أو شيئا من لحمها قليلا كان أو كثيرا ووزنا أو جزافا فقال أما إذا استثنى جلدها فلا أرى به بأسا وأما إذا استثنى من لحمها فلا أحب ذلك جزافا كان ذلك أو وزنا لأنه حينئذ كأنه ابتاع لحما لا يدري كيف هو أو باع لحما لا يدري كيف هو. قال ابن وهب ثم رجع مالك فقال لا بأس به في الأرطال اليسيرة تبلغ الثلث أو دون ذلك. قال وقال لي مالك إن اشترى رجل من رجل شاة فقال بع لي لحمها بكذا وكذا فذلك غرر لا يصلح وإذا اشتريتها وضمنتها وحزتها فلا بأس بذلك وإن شرطت للذي ابتعتها منه الرأس والإهاب لأنك إذا اشتريتها منه وضمنتها وشرطت له رأسها وإهابها فإنها إن ماتت فهي من الذي اشتراها وأنه إذا باعك لحمها فماتت قبل أن يذبحها فضمانها على بائعها. قال ابن وهب وأخبرني محمد بن عمرو عن بن جريج أن زيد بن ثابت قضى في جزور بيعت واشترط البائع مسكها فرغب الرجل فيها فأمسكها فقال زيد بن ثابت له شروى مسكها. قال وأخبرني إسماعيل بن عياش أن علي بن أبي طالب وشريحا الكندي قضيا في رجل باع بعيرا أو شاة واشترط المسك والرأس والسواقط فبرأ البعير فلم ينحره صاحبه قال إذا لم ينحره أعطاه قيمة ما استثنى. وقال شريج أو شرواه. وقال مالك والليث شرواه أو قيمته. بن وهب وأخبرني موسى بن شيبة الحضرمي عن يونس بن يزيد عن عمارة بن غزية عن عروة بن الزبير أن النبي صلى الله عليه وسلم حين خرج هو وأبو بكر من مكة مهاجرين إلى المدينة مرا براعي غنم فاشتريا منه واشترط عليهما أن سلبها له. وأخبرني الليث بن سعد عن يونس بن يزيد عن عمارة بن غزية بهذا. قال الليث فذلك حلال لمن اشترطه. قلت أرأيت ان بعت عشرة أرطال من لحم شاتي هذه أيجوز هذا في قول مالك؟ قال لا يجوز. قلت فإن بعته رطلا من لحم شاتي هذه أيجوز أيضا؟ قال لا يجوز عند مالك. قلت فإن بعت شاتي واستثنيت رطلا من لحمها أو عشرة أرطال من لحمها أيجوز في قول مالك قال قال مالك إذا اشترط الشيء الخفيف من ذلك الرطل والرطلين وما أشبهه فذلك جائز. قلت وإن اشترط من لحمها ما هو أقل من الثلث أيجوز هذا في قول مالك قال ما رأيت مالكا يبلغ الثلث إنما يجوز من ذلك الشيء الخفيف. قلت ولم جاز هذا عند مالك أن أبيع شاتي وأشترط من لحمها الرطلين والثلاثة والأربعة وما أشبهه ولا يجوز لي أن أبيع من شاتي رطلين أو ثلاثة قبل أن أذبحها وأسلخها قال لأنه لا يجوز لك أن تبيع ثمر حائطك قبل أن تكون ثمرا حين يزهى ويحل بيعه وتشترط من ثمر الحائط آصعا معلومة تأخذها تمرا إذا طابت وكانت الثمر الثلث فأدنى ولا يجوز أن تبيع من ثمر حائطك حين يزهى ويحل بيعه تمرا آصعا معلومة وإن كانت دون الثلث يأخذها تمرا إذا كان إنما يعطيه ذلك التمر من تمر هذا الحائط فلا يجوز هذا وإن كان الذي باعه من ذلك أقل من الثلث. قلت ما قول مالك في شراء لحوم الإبل والبقر والغنم والطير كلها قبل أن تذبح فيقال له اذبح فقد أخذنا منك كل رطل بكذا وكذا قال مالك لا يجوز ذلك لأنه مغيب لا يدري كيف يكون ما اشترى ولا يدري كيف ينكشف. قلت أرأيت لو أني ادعيت في دار رجل دعوى فصالحني من ذلك على عشرة أرطال من لحم شاته أيجوز ذلك في قول مالك قال قال مالك لا يجوز هذا عندي. قلت أرأيت إن اشتريت لبن عشر شياه بأعيانها في أبان لبنها أيجوز ذلك في قول مالك؟ قال نعم ذلك جائز إذا سمى شهرا أو شهرين أو ثلاثة وكان قد عرف وجه حلابها فلا بأس به وإن لم يعرف حلابها فلا خير فيه. قلت أرأيت إن اشترى لبنها ثلاثة أشهر ثم حلبها شهرا ثم يموت منها خمس قال ينظر إلى الخمس الهالكة كم كان حلابها كل يوم فإن كان حلابها كل يوم قسطين قسطين قيل فما حلاب هذه الخمس الباقية كل يوم فإن كان حلابها قسطا قسطا قيل فكم كان الشهر الذي حلب فيه العشرة كلها من الثلاثة الأشهر التي اشترى حلابها فيها في قلة اللبن وكثرته في غلائه ورخصه فإن بين اللبن في أوله وآخره تفاوتا بعيدا في الثمن يكون شهرا في أوله يعدل شهرين في آخره وأكثر من ذلك. فإن قيل الشهر الذي احتلبت فيه يعدل الشهرين الباقيين أن لو كانت الغنم الهالكة قياما في نفاق اللبن في الشهر الأول لغلائه فيه ورخصه في الشهرين الباقيين قيل قد قبضت أيها المشتري نصف حقك بحلابك الغنم كلها الشهر الأول وبقي نصف حقك فلا حق لك في نصف الثمن الباقي وقد استوجبه البائع بحلابك غنمه شهرا ويرد عليك البائع لما هلكت الخمس التي كانت تحلب قسطين قسطين وبقيت التي تحلب قسطا قسطا ثلثي نصف الثمن لأن لبن الهالكة قسطان قسطان ولبن الباقية قسط قسط فعلمنا أن الهالكة ثلثان من نصف الثمن الباقي والباقية الثلث من نصف الثمن الباقي وإنما هما في هذا النصف الباقي بمنزلة رجل اشترى لبن عشر شياه في أبان الحلاب على ما وصفنا ثم مات منها خمس قبل أن يحلب منها شيئا فإنه يصير أمرهما إلى ما وصفت لك في المسألة التي فوق وكذلك أن لو كانت الهالكة تحلب الثلث أو النصف أو الثلاثة الأرباع فعلى هذا الحساب يكون جميع هذه الوجوه. قلت فإن كنت إنما أسلفت في لبن هذه الغنم فيموت منها شيء قال إذا سلفت فيها فيموت منها شيء كان سلفك كله فيما بقي من لبن هذه الغنم. قلت والسلف في لبن الغنم فارق لشراء لبن الغنم في قول مالك؟ قال نعم. قال مالك وإنما يجوز شراء لبن الغنم إذا كانت كثيرة الشهر والشهرين والثلاثة وأما إن كانت الشاة أو الشاتين فاشترى رجل حلابها على كذا وكذا شهرا بكذا وكذا درهما فلا يعجبني لأن الشاتين غير مأمونتين. قال ولو سلف في لبن شاة أو شاتين كيلا معلوما كذا وكذا قسطا بكذا وكذا درهما في أبان لبنها فلا بأس بذلك. قلت وإنما السلف في لبن الغنم مكايلة في قول مالك؟ قال نعم لا يجوز إلا مكايلة في أبان اللبن. قلت أرأيت لو أني بعت لبن غنمي هذه في أبان لبنها حتى ينقطع أيجوز ذلك أم لا؟ قال قال مالك إذا ضرب لذلك أجلا شهرا أو شهرين فلا بأس بذلك إذا كان ذلك في أبان لبنها وعلم أن لبنها لا ينقطع إلى ذلك الأجل إذا كانت قد عرف وجه حلابها. قلت فلو أني بعت لبنها في غير أبان اللبن وشرطت أن أعطيه ذلك في أبان لبنها كيلا أو جزافا أيجوز ذلك في قول مالك؟ قال لا خير فيه عند مالك. قلت أرأيت إن بعت لبن شاتي هذه في أبان لبنها شهرا أو شهرين قال مالك أكره أن يباع لبن الشاة الواحدة أو الشاتين لأن الشاة والشاتين أمرهما يسير وهما عندي من الخطر إلا أن يبيع لبنهما كيلا كل قسط بكذا وكذا. قلت وينقد في ذلك إذا اشترى لبن الشاة أو الشاتين؟ قال نعم إذا شرع في أخذ اللبن أو كان يشرع في ذلك بعد اليوم أو اليومين أو الأيام القلائل. قلت فإن اشتريت لبن هذه الغنم في أبان اللبن فلم يقبض اللبن حتى ذهب أبان اللبن قال يرد الدراهم. قال وسألت مالكا أو سئل وسمعته عن الرجل يكتري البقرة تحرث له أو يستقي عليها الأشهر وهي حلوب أو الناقة يشترط حلابها في ذلك. قال إن كان قد عرف حلابها فلا أرى بذلك بأسا. قلت أرأيت إن اشتريت من رجل جلجلانه هذا على أن عليه عصره أيجوز هذا في قول مالك قال قال مالك لا يجوز هذا. قلت لم قال لأنه كأنه باعه ما يخرج منه وهو لا يدري ما يخرج منه. قلت وكذلك لو باعه زرعا قائما ويشترط المشتري على البائع أن عليه حصاده ودراسه قال قال مالك لا يجوز هذا أيضا. قلت أرأيت إن باع حنطته هذه ويشترط عليه المشتري أن يطحنها قال استثقله مالك وجوزه وأرى أنه خفيف وهو جل قول مالك إجازته. قال وقال لي مالك ولو أن رجلا ابتاع من رجل ثوبا على أن يخيطه له لم أر بذلك بأسا ولو اشترى نعلين على أن يحذوهما له لم أر بذلك بأسا ولو ابتاع قمحا على أن يطحنه له قال لي مالك فيه مغمز وأرجو أن يكون خفيفا وأنا لا أرى به بأسا. قال فقلت له فالسمسم والفجل والزيتون يشتريه على أن على البائع عصره فكرهه مالك وقال لا خير فيه إنما هذا اشترى ما يخرج من زيته والذي يخرج لا يعرفه فرددته عليه عاما بعد عام فكل ذلك يكرهه ولا يقف فيه. وقال لا خير فيه. قلت والقمح يشتريه على أن على بائعه حصاده ودراسه وذروه يشتريه زرعا قائما قد يبس؟ قال لا خير فيه ورأيته عنده من المكروه البين لأنه إنما يشتري ما يخرج من الزرع. قلت فما فرق بين الطحين وبين هذه الأشياء التي كرهها وما يخرج منها والدقيق يخرج من الحنطة قال كأني رأيته يرى أمر الطحين أمرا قريبا ويرى أن القمح قد عرف وجه ما يخرج منه فلذلك خففه على وجه الاستثقال منه له في القياس. قال ولقد قال لي مالك مرة لا يعجبني ثم خففه وجل قوله في القديم والحديث مما حملناه عنه نحن وإخواننا على التخفيف على وجه الاستحسان ليس على القياس بسم الله الرحمن الرحيم. قلت حدثنا زيادة الله بن أحمد قا لحدثنا يزيد وسليمان قالا حدثنا سححنون؟ قال لابن القاسم أرأيت لو أني اشتريت عبدا بدنانير فأصابه عندي عيب ثم ظهرت على عيب دلسه لي البائع أترى لي أن أرده في قول مالك بن أنس؟ قال نعم إلا أن يكون العيب الذي أصابه عندك مفسدا مثل القطع والعور والشلل والعمى وشبه ذلك فإن كان العيب الذي أصابه عندك مثل هذه العيوب كنت مخيرا في أن ترد العبد وتغرم بقدر ما أصابه عندك من العيب وإن شئت احتبست العبد وأخذت من البائع ما بين الصحة والداء إلا أن يقول البائع أنا أقبله بالعيب الذي أصابه عندك وأرد الثمن كله فيكون ذلك له. قلت ولم كان هذا هكذا إذا أصابه عند المشتري عيب مفسد لم يكن للبائع أن يأخذه ويرجع على المشتري بقدر ما أصابه عنده من العيب قال لأن العيب إذا كان مفسدا فأصابه ذلك عند المشتري فهو فوت فليس للبائع أن يقول أنا آخذه وأرجع بقيمة العيب الذي أصابه عند المشتري لأنه قد فات. قلت ولم لا يكون على المشتري إذا رد العبد بعيب ظهر عليه وقدأصابه عنده عيب غير مفسد قيمة هذا العيب الذي أصابه عنده وإن كان غير مفسد قال لأنها ليست من العيوب التي هي تلف للعبد التي تنقصه نقصانا كثيرا وهذا مثل الحمى والرمد وما أشبه ذلك. ألا ترى أنه إن حم يوما أو أصابه رمد أو دماميل ثم ظهر على عيب دلسه له البائع أن له أن يرده. قلت فإن كان هذا العيب الذي أصابه عند المشتري قد نقصه إلا أنه ليس من العيوب المفسدة أيكون للمشتري أن يرده إذا ظهر على عيب قد دلسه له البائع ولا يكون عليه لما نقص العيب الذي أصاب العبد عنده شيء قال قال مالك بن أنس له أن يرده ولا شيء عليه إذا كان عيبا غير مفسد وإن كان قد نقصه. قلت أرأيت إن قطعت إصبعه أو أصابه أمر من الله فذهبت إصبعه ثم ظهر المشتري على عيب دلسه له البائع أله أن يرده؟ قال لا أحفظه عن مالك بن أنس إلا أني أراه عيبا مفسدا لا يرده إلا بما نقص. قلت فإن ذهبت أنملته أو ظفره قال أما أنملته فهو عيب ولا يرده إلا بما نقص منه إلا أن يكون من وخش الرقيق الذي لا يكون ذلك مفسدا فيهم ولا ينقصه كثيرا فإن كان كذلك رده ولا شيء عليه وأما الظفر فله أن يرده ولا شيء عليه ولا أراه عيبا. قلت فتحفظ عن مالك بن أنس أنه قال إن أصابه عنده حمى أو رمد أو صداع أو كي وكل وجع ليس بمخوف أن له أن يرده إذا أصاب به عيبا قد دلس به البائع ولا شيء عليه؟ قال نعم. قلت أرأيت إن اشتريت عبدين في صفقة واحدة فهلك أحدهما في يدي وأصبت بالباقي عيبا أيكون لي أن أرده عند مالك؟ قال نعم لك أن ترده عند مالك وتأخذ من الثمن بحساب ماكان يصير لهذا العبد من الثمن يقوم هذا الميت والمعيب فينظر ما يصيب قيمة هذا الذي أصبت به عيبا من الثمن فيرجع بذلك على البائع. قلت فإن اختلفا في قيمة الميت فقال المبتاع قيمة الميت الثلث وقيمة هذا الثلثان وقال البائع قيمة هذا الثلث وقيمة الميت الثلثان قال يقال لهما صفا الميت فإذا تصادقا في صفته دعي لصفته أهل المعرفة به فيقومون تلك الصفة وإن تناكرا في صفته فالقول في صفته قول البائع مع يمينه إذا كان قد انتقد الثمن لأن المبتاع مدع للفضل على ما يقول البائع فالقول قول البائع مع يمينه وعلى المبتاع البينة على الصفة فإن لم يأت بالبينة على الصفة حلف البائع وكان القول قوله إذا كان قد انتقد الثمن وإن لم يكن انتقد فالقول قول المشتري. قلت أرأيت إن اشتريت شاتين مذبوحتين فأصبت إحداهما غير ذكية أتلزمني الذكية بحصتها من الثمن في قول مالك بن أنس أم لا؟ قال أرى ذلك مثل الرجل يبتاع الطعام فيقال له إن فيه مائة إردب فيشتري على ذلك فلا يجد فيه إلا خمسين أو أربعين. ؟ قال لا يلزمه أخذ ذلك الطعام إلا أن يكون الذي نقص من ذلك مثل الأرادب اليسيرة وهذه الشاة إذا وجدها ميتة وإنما كان شراء الرجل شاتين لحاجته إلى جملة اللحم والرجل إذا جمع الشراء في الصفقة الواحدة كان أرخص له فأرى الشاتين بمنزلة ما وصفت لك من الطعام عند مالك ويرد الجميع إلا أن يشاء أن يحبس الذكية بالذي يصيبها من حصة الثمن فذلك له. قلت فإن اشتريت عشر شياه مذبوحة فأصبت إحداهن ميتة قال أرى أن تلزمك التسع بحصتهن من الثمن. قلت وكذلك الرجل يشتري قلال خل فيصيب إحداهن خمرا أو اشترى قلتي خل فيصيب إحداهما خمرا فهو على ما وصفت لك من قول مالك؟ قال نعم. قال أشهب إذا اشترى شاتين أو قلتين أو عبدين متكافئين فإن هذا لم يشتر أحدهما لصاحبه فإن أصاب بأحدهما عيبا أو استحق أحدهما رجع بما يصيب المستحق من الثمن وإن كان عيبا رده وأخذ ما يصيبه من الثمن قال سحنون وكذلك يقول بن القاسم في العبدين المتكافئين. قال سحنون وليس العبدان المتكافئان كعبدين أحدهما تبع لصاحبه إنما اشترى لمكان صاحبه أو كجملة ثياب أو رقيق أو كيل أو وزن يكثر فيستحق منه اليسير ويبقى الكثير فإن هذا قد سلمت له جل صفقته فيلزمه ما صح ويرجع بثمن ما استحق فإن كان ما استحق مضرا به في صفقته لكثرة ما استحق من يديه ويعلم أن هذا إذا استحق منه دخل عليه فيه الضرر لتبعيض ذلك عليه وأن مثله إنما رغب في جملة ما اشترى فإن هذا مثله أن يرد الصفقة كلها ويأخذ الثمن وإن أراد أن يحبس ما سلم في يديه ويرجع ثمن ما استحق فإن كان ما اشترى على الكيل والوزن فذلك له أو كان ما استحق مما بيع على العدد فكان الاستحقاق على الأجزاء نصف ما اشترى أو ثلثيه أو ثلاثة أرباعه أو ثلثه فذلك له لأن ما رضي به يصير له بثمن معروف وإن كان الذي استحق نصفه أو ثلثيه فرضي بما بقي صار له بنصف الثمن أو بثلثيه وكذلك ما استحق من الكيل والوزن لأن الذي يبقى ثمنه معروف لأنه مما لا يقسم الثمن عليه إن كان استحق منه جزءا معروفا أو عددا على عدد السلع وإن كان ما باع عددا واستحق من العدد ما يصير للمشتري حجة في أن يرد فأراد أن يحبس ما بقي بما يصيبه من الثمن فإن ذلك لا يجوز له لأنه إذا وجب له رد جميع ما في يديه فليس له أن يقول أنا أحبس ما بقي بما يصير له من الثمن لأنه يحبسه بثمن مجهول لأنه أوجبه على نفسه بما يصير له من الثمن وذلك غير معروف حتى تقوم السلع ثم يقسم الثمن عليها فما صار للذي بقي أخذه بحصته من الثمن وذلك مجهول وأما في العيب فإنه إذا أصاب العيب في كثير من العدد حتى يضر ذلك به في صفقته أو في كثير من وزنه أو كيله فإنه مخير في أن يقبل الجميع بعينه أو يرده كله وليس له خيار في أن يحبس ما صح في يديه بما يصيبه من الثمن وإن كان معروفا وهو خلاف الاستحقاق في هذا الموضع لأن صاحب العيب إنما باع على أن حمل بعضا بعضا فإما رضى منه بما رآه وإما رد عليه. قلت لابن القاسم أرأيت إن اشتريت عبدا بثوبين فهلك أحد الثوبين عند صاحبه وأصاب بالثوب الباقي عيبا فجاء ليرده كيف يكون هذا في قول مالك قال ينظر إلى الثوب الذي وجد به العيب فإن كان هو وجه ما اشترى وفيه الفضل فيما يرى الناس رده ونظر إلى العبد فإن كان لم يفت رده ونظر إلى قيمة الثوب التالف فرده قابضه مع الثوب الذي وجد به العيب وإن كان العبد قد فات بنماء أو نقصان أو اختلاف أسواق أو شيء من وجوه الفوت نظر إلى الثوب الباقي كم كان من الثوب التالف فإن كان ثلثا أو ربعا نظر إلى قيمة العبد فغرم قابض العبد لصاحب الثوب من قيمة العبد بقدر الذي يصيبه من صاحبه إن ثلثا أو ربعا يغرم له من قيمة العبد ثلثها أو ربعها ولا يرجع في العبد بشيء وإن كان إنما أصاب صاحب العبد بالعبد عيبا وقد تلف أحد الثوبين عند بائع العبد رد العبد وينظر ونظر إلى الثوب الباقي فإن كان هو وجه الثوبين ومن أجله اشتراهما رد الثوب الباقي وغرم قيمة التالف إن كان الثوب الباقي لم يفت بنماء أو نقصان ولا اختلاف أسواق وإن كان قد فات بشيء من ذلك أو كان الباقي منهما كان الاشتراء أسلما لمشتريهما وغرم قيمتهما جميعا لصاحب العبد. قلت ما قول مالك فيمن اشترى سلعة بيعا صحيحا فلم يقبضها صاحبها إلا بعد شهر أو شهرين وقد حالت الأسواق عند البائع وقبضها فماتت عند المشتري ثم ظهر على عيب كان عند البائع أي القيمتين يحسب على المشتري ويجعلها قيمتها الجارية إذا أراد أن يرجع بالعيب أقيمتها يوم قبض الجارية أم قيمتها يوم وقعت الصفقة قال بل قيمتها يوم وقعت الصفقة. قلت فإن كان البيع حراما فاسدا فأي القيمتين يحسب على المشتري قال قيمتها يوم قبضها ليس قيمتها يوم وقع البيع لأن المشتري في البيع الفاسد لا يضمن إلا بعد ما يقبض لأن له أن يترك فلا يقبض والبيع الصحيح القبض له لازم وليس له أن يفسخ ذلك ومصيبتها منه فهذا فرق ما بينهما. قلت أرأيت إن اشتريت جارية بيعا صحيحا فلم أقبضها حتى ماتت عند البائع وقد نقدته الثمن أو لم أنقده وقد فاتت الجارية أو حدث بالجارية عيب عند البائع قبل أن أنقدها. قال قال مالك الموت من المشتري وإن كان البائع احتبسها بالثمن. قال ابن القاسم فالعيب عندي بمنزلة الموت يكون ذلك كله من المشتري. قلت فإن كان اشتراها على صفة فأصابها بعد وجوب الصفقة على ما ذكرت لك قال قال مالك إذا كان اشتراها وهي على الصفة التي وصفت فما أصابها من حدث بعد ذلك فهو من المشتري. قال ابن القاسم وقال لي مالك بعد ذلك في هذه المسألة فيمن اشترى على الصفة أنها إن ماتت قبل أن يقبضها المشتري فهي من البائع. قال ابن القاسم ولم يذكر لي في العيوب في هذه المسألة شيئا إلا أنه قال لي قبل ذلك في الموت والعيوب أنها من المشتري جميعا وأرى أن ذلك كله من البائع إلا أن يشترط البائع أن ما أصابها بعد الصفقة فهو من المشتري فيكون ذلك على ما اشترط وهو قول مالك الآخر الذي ثبت عليه وقاله لي غير عام وأرى العيوب التي تصيب السلعة قبل أن يقبضها المبتاع بمنزلة الموت ضمان ذلك من البائع إلا أن يشترطه كما وصفت لك. قلت أرأيت إن اشتريت جارية بها عيب لم أعلم به فلم أقبضها حتى ماتت عند البائع أو أصابها عيب مفسد مثل القطع والشلل وما أشبهه وذلك كله عند البائع قبل أن أقبضها أتلزمني الجارية أم لا؟ وهل يكون ما أصابها من العيوب أو الموت الذي كان بعد الصفقة من المشتري أم من البائع إذا اطلع على العيب الذي كان بالجارية عند البائع قال لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا ما قال لي مالك في الموت إذا اشتراها فاحتبسها البائع للثمن فهي من المشتري إذا كانت مما لا يتواضع مثلها وبيعت على القبض فإن هذه السلعة قد وجبت وإن كان له أن يردها لأنه لو شاء أن يأخذها أخذها بعيبها ولم يكن للبائع فيها حجة. ألا ترى أن عتقه جائز فيها وإن عتق البائع فيها غير جائز ولا يشبه هذا البيع الفاسد لأن المشتري في البيع الفاسد لو أراد أن يأخذ لم يكن له ذلك وأن البائع لو أعتق في البيع الفاسد لجاز له ذلك ولم يكن للمشتري عتق معه إلا أن يكون المشتري أعتق قبل البائع فيكون قد فوتها وفي البيع الصحيح لا عتق للبائع مع عتق المشتري ولا عتق له وإن لم يعتق المشتري لأن المشتري كان على شرائه بأخذه إن أحب وإنما احتبسها بعد وجوب البيع بالثمن. قال وكذلك قال لي مالك أراها بمنزلة الرهن إن احتبسها بعد وجوب البيع بالثمن فإن ماتت فهي من المشتري فهي إذا باعها وبها العيب فاحتبسها بالثمن فهي رهن ولو لم يحتبسها لقبضها المشتري وكان المشتري ضامنا لما أصابها فحبس البائع إياها بمنزلة الرهن وقبض للمشتري بعد الوجوب فأرى أن كل ما أصابها من عيب أو موت وإن كان بها يوم باعها البائع عيب كان عنده فهي من المشتري حتى يردها قبضها من البائع أو لم يقبضها حتى يردها بقضاء من السلطان أو يبرئه منها البائع. وأخبرني سحنون عن بن وهب عن بن لهيعة أنه سمع يزيد بن أبي حبيب يقول اشترى رجل عبدا من آخر فقال الذي باعه قد وجب لك غير أني لا أدفع إليك العبد حتى تنقدني ثمنه فإني لا آمنك فانطلق المشتري يأتي ثمنه فلم يأت بثمنه حتى مات العبد عند الذي باعه. قال يزيد قال سعيد بن المسيب هو من الذي مات في يديه وقال سليمان بن بسار بل هو من الذي اشتراه ووجب له وقد قال مالك بقوليهما جميعا. بن وهب قال الليث كان يحيى بن سعيد يقول من باع دابة غائبة أو متاعا غائبا على صفة لم يصلح أن يقبض البائع الثمن حتى يجد الدابة أو المتاع الذي اشترى ولكن يوقف الثمن فإن كانت الدابة أو المتاع على ما وصف البائع تم بيعهما وأخذ الثمن. وأخبرني سحنون بن سعيد قال أخبرني بن وهب عن يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد أنه قال في بيع الدابة الغائبة إن أدركتها الصفقة حية فليس بذلك بأس وعلى ذلك بيع الناس. وأخبرني عن بن وهب عن يونس بن يزيد عن بن شهاب عن حمزة بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال ما أدركت الصفقة حيا مجموعا فهو من المبتاع. وأخبرني بن وهب عن عبد الجبار بن عمر عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه حدثه قال تبايع عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف فرسا غائبة وشرط أن كانت هذا اليوم حية فهي مني. وأخبرني بن وهب عن بن جريج عن بن شهاب قال كان عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف من أجد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في البيع فكان الناس يقولون ليتهما قد تبايعا حتى ننظر أيهما أجد فابتاع عبد الرحمن بن عوف من عثمان بن عفان فرسا غائبة باثني عشر ألف إن كانت هذا اليوم صحيحة فهي مني ولا أخال عبد الرحمن إلا وقد كان عرفها ثم إن عبد الرحمن قال لعثمان هل لك أن أزيدك أربعة آلاف وهي منك حتى يقبضها رسولي؟ قال نعم فزاده عبد الرحمن أربعة آلاف على ذلك فماتت فقدم رسول عبد الرحمن فعلم الناس أن عبد الرحمن بن عوف أجد من عثمان. وأخبرني بن وهب عن يونس بن يزيد عن بن شهاب قال وإنه وجد الفرس حين خلع رسنها قد هلكت فكانت من البائع. قلت أرأيت إن اشتريت جارية وبها عيب لم أعلم به ثم بعتها فتداولها رجال فتغيرت في بدنها أو أسواقها ثم اشتريتها فعلمت بالعيب الذي كان عند البائع الذي باعني. قال سحنون لك أن تردها عليه إن لم يكن دخلها عيب مفسد مثل ما وصفت لك وقال أشهب لك أن تردها على الذي اشتريتها منه أخيرا لأن عهدتك عليه. قلت لابن القاسم فإن كان اشتراها بيعا صحيحا وبها عيب لم يعلم به فباعها أو آجرها أو رهنها أو تصدق بها أو كاتبها أو اتخذها أم ولد أترى هذا كله فوتا في قول مالك أم لا؟ قال أما الرهن والإجارة والبيع فليس بفوت وقد بلغني عن مالك بن أنس ممن أثق به أنه لم يره في البيع فوتا ورأيي الذي أخذ به أن ليس البيع بفوت لأنه قد أخذ له ثمنا إنما هو على أحد وجهين إما أن يكون قد رأى العيب فقد رضيه حين باعه ولو شاء لم يبعه حتى يثبت من صاحبها فردها عليه بالعيب وأما أن يكون لم يره فهو إن كان نقص في بيعه العبد لم ينقص لموضع العيب. قال وأما التدبير والكتابة والموت واتخاذها أم ولد والصدقة فإن مالكا قال لي في ذلك إنه كله فوت. قلت فما قول مالك بن أنس في الهبة إذا وهبها وقد اشتراها وبها عيب قال مالك إن كان وهبها للثواب فهو بيع وإن كان وهبها لغير ثواب فهو من وجه الصدقة وهو فوت ويرجع فيأخذ قيمة العيب والبيع الصحيح إذا أصاب العيب بعد ما رهن أو آجر فلا أراه فوتا ومتى ما رجعت إليه بافتكاك أو بانقضاء أجل الإجارة فأرى أن يردها إن كانت بحالها وإن دخلها عيب مفسد ردها وما نقصها العيب الذي حدث بها. وقال أشهب إن افتكها حين علم باليب فله أن يردها وإلا رجع بما بين الصحة والداء. قلت أرأيت إن ابتاع أمة فولدت عند المشتري ولدا فمات ولدها فأصاب بها عيبا له أن يردها وقد مات الولد عنده؟ قال نعم يردها إذا مات الولد ولا شيء عليه ويرجع بالثمن كله ولا شيء عليه في الولد. قلت فإن كانت الولادة قد نقصتها وقد مات الولد ثم أصاب بها عيبا قال له أن يردها وما نقصت الولادة منها وكذلك قال لي مالك بن أنس وكذلك لو لم تلد وأصابها عند المشتري عيب مفسد مثل القطع والعور والشلل ونحو ذلك فنقصان الولادة مثل العيوب المفسدة. قلت أرأيت إن اشترى الرجل جارية وبها عيب لم يعلم به ثم ولدت عنده أولادا فماتت الأم أو قتلها رجل وبقي الأولاد عنده ثم علم بالعيب قال يرجع على بائعه فيأخذ منه قيمة العيب كما فسرت لك. قلت فتقوم الجارية إن كانت ميتة أو مقتولة وولدها معها قال تقوم هي نفسها كما وصفت لك. قال سحنون وقد قال بعض رواه مالك إلا أن يكون ما وصل إليه من قيمة الأم مثل الثمن الذي يرجع به على البائع فلا تكون له حجة. ألا ترى أن البائع لو أن الأم لم تقتل ولكنها ماتت لو قال للمشتري أنا أرد عليك جميع الثمن ورد على الولد ولا أعطيك ما بين القيمتين كان ذلك له وقيل للمشتري إما أن رددت عليه الولد وأخذت الثمن وإما أن تمسكت بالولد ولا شيء لك فهو إذا كانت القيمة في يده وهي مثل الثمن والولد فضل أيضا لم تكن للمشتري حجة لأن الذي يريد أن يرجع به في يديه مثله منها. قلت فلو أني بعت من رجلين ثوبا فباع أحدهما من صاحبه حصته ثم ظهر على عيب كان عنده قال أرى أن الذي باع حصته من صاحبه قد أخرج ما كان في يديه من السلعة فلا يرجع عليك بما بين الصحة والداء وأما الذي لم يبع فله أن يرد حصته التي في يديه عليك بنصف الثمن فيكون نصف السلعة في يدك ونصفها في يد الذي اشتراها من صاحبه. قلت أرأيت أن اشتريت جارية على أنها بربرية فأصبتها خراسانية قال لك أن تردها. قلت فإن اشتريتها على أنها صقليية أو آبرية أو اشبانية فأصبتها بربرية أو خراسانية قال ليس لك أن تردها. قلت لم قال لأن البربرية والخراسانية أفضل من الصقليية والآبرية لأن الناس إنما يذكرون الأجناس لفضل بعضها على بعض فيزاد بذلك في أثمان الرقيق فإذا كانت أرفع جنسا مما شرط فليس له أن يرد. قلت أتحفظ هذا عن مالك؟ قال لا إلا أن يكون في ذلك أمر يعرف به أن المشتري قد أراده فيرد عنه مثل أن يكره شراء البربرية لما يخاف من أصولهن وحريتهن وسرقتهن وما كان من هذا وما أشبهه فأرى أن يرده وما لم يكن على هذا الوجه وليس فيها عيب يرده به ولا ثمن يوضع فلا أرى أن يرد. قال ولقد سمعت مالكا وسأله بن كنانة ونزلت هذه المسألة بالمدينة في رجل اشترى جارية فأراد أن يتخذها أم ولد فإذا نسبها من العرب فأراد ردها بذلك وقال إن ولدت مني وعتقت يوما ما جر العرب ولاءها ولا يكون ولاؤها لولدي. قال مالك بن أنس لا أرى هذا عيبا ولا أرى له أن يردها. قلت أرأيت إن اشتريت وبه عيب دلسه لي البائع عبدا بمائة دينار وقيمته مائة وخمسون دينارا فتغير عندي العبد بعيب مفسد أو مات فأردت أن أرجع على البائع بالعيب قال ينظر إلى قيمته صحيحا يوم قبض عند مالك فزعمت أن قيمته خمسون ومائة وإلى قيمته معيبا يوم قبضته فزعمت أن قيمته وبه العيب مائة فصار ما بين قيمة العبد صحيحا وبين قيمته معيبا الثلث فيفض الثمن على ذلك فيكون لبائع العبد ثلثا المائة ويرجع مشتري العبد حين فات العبد عنده بعيب مفسد أو بموت بثلث المائة من ثمن العبد لأن العيب نقص العبد الثلث فكأن البائع قد أخذ ثلث المائة بغير شيء دفعه إلى المبتاع فلذلك يرجع به. قلت وهذا قول مالك بن أنس كله؟ قال نعم. قال وقال مالك من باع عبدا وبه عيب دلسه مثل الإباق والسرقة أو مرض من الأمراض فأبق العبد أو سرق العبد فقطعت يده فمات من ذلك أو لم يمت أو تمادى بالعبد المرض فمات منه أو أبق فذهب ولم يرجع فوجد المشتري البينة على هذه العيوب أنها كانت به حين باعه وعلم البائع بذلك فإن المشتري يرجع بالثمن كله فيأخذه ولا شيء عليه في إباق العبد ولا موته ولا قطع يده وإن كان باعه آبقا فسرق فقطعت يده رد في القطع كما فسرت لك لأن القطع عيب حدث عند المشتري من غير العيب الذي باعه به أو حدث في مرضه عيب آخر أو اعورت عينه أو قطعت يده من غير سبب المرض فهذا لا يرده إلا ومعه ما نقصه كما فسرت لك في المسألة الأولى أو يحبسه فيأخذ قيمة العيب كما فسرت لك في المسألة الأولى وما كان من سبب العيب الذي وصفت لك أنه دلس له فيه فمات منه أو أبق منه أو قطع فلا شيء عليه فيه وهو يأخذ الثمن كله. وأخبرني سحنون عن بن وهب عن عبد الجبار بن عمر أن عمر بن عبد العزيز قضى في الرجل يبيع العبد وبه عيب ثم يصيبه عند الذي ابتاعه عيب أنه إن قامت له البينة على أنه كان به ذلك العيب عند صاحبه الذي باعه وضع عن المشترى ما بين الثمنين قدر العيب الذي كان عند البائع. وأخبرني وكيع بن الجراح عن سليمان الأعمش عن إبراهيم عن شريح في الرجل يشتري الجارية فيطؤها ثم يجد بها عيبا. قال إن كانت ثيبا ردها ورد نصف العشر وإن كانت بكرا ردها ورد العشر. وأخبرني وكيع عن إسرائيل وشريك عن جابر عن عامر الشعبي عن عمر قال ترد العشر ونصف العشر. قال سحنون وإنما كتبت هذا في العشر ونصف العشر وإن كان مالك لا يأخذ به وإنما يقول ما نقص من وطئه حجة أن له أن يردها ولا يكون وطؤه إياها وإن دخلها به نقص فوتا لا يرد مثل العتق والموت وما لا يقدر على رده فهذا عمر وشريح قد رداها على البائع فلذلك كان للمشتري أن يرد العيب عن نفسه وإن دخلها عنده النقص ويغرم ما نقصها إذا أراد ردها وإن أراد أن يحبسها ويرجع بما بين الصحة والداء فذلك له. ألا ترى أن عمر بن عبد العزيز قضى في الرجل يبيع العبد وبه عيب ثم يصيبه عيب عند الذي ابتاعه أنه يوضع على المشتري ما بين الثمنين. وأخبرني عن بن وهب عن يونس بن يزيد عن بن شهاب أنه قال في العبد يشتريه الرجل ببيع المسلمين فيسرق وهو بيد الذي اشتراه وتقوم عليه البينة فتقطع يده ثم يجد هذا الذي اشتراه البينة العادلة على أنه كان سارقا معلوما ذلك من شأنه قبل أن يشتريه وأن الذي باعه كتمه ودلسه. قال ابن شهاب لم يبلغنا في ذلك شيء ولا نرى إلا أنه يرده فقيل لابن شهاب فإن أبق من عند الذي اشتراه ثم أقام البينة العادلة أنه كان آبقا معلوما ذلك من شأنه وأنه كتمه ودلسه به قال ابن شهاب نرى أن يرد المال إلى من دلس له ويتبع المدلس العبد ويرد الثمن فإنه غره بأمر أراد أن يتلف فيه ماله. قال ابن شهاب وكذلك إذا دلس له بالجنون فخنق حتى مات أنه يرجع بالثمن كله. قال سحنون عن بن نافع عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبي الزناد عن السبعة أنهم كانوا يقولون كل عبد أو أمة دلس فيها بعاهة فظهرت تلك العاهة وقد فات رد العبد أو الأمة بموت أو عتق أو أن تلك الأمة حملت من سيدها فإنه يوضع عن المبتاع ما بين قيمة ذلك الرأس وبه تلك العاهة وبين قيمته بريئا منها فإن مات ذلك الرأس من تلك العاهة التي دلس بها فهو من البائع ويأخذ المبتاع الثمن كله منه وهم سعيد بن المسيب والقاسم بن محمد وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام وعروة بن الزبير وخارجة بن زيد بن ثابت وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وسليمان بن يسار مع مشيخة سواهم من نظرائهم أهل فقه وفضل. قال ابن القاسم فقلت لمالك فالعبد يبتاعه الرجل وهو أعجمي أو الجارية فيدفع العبد إلى الصناعة فيعمل البنيان أو يكون صائغا أو صباغا أو نجارا فيرتفع ثمنه فيجد به عيبا بعد ذلك فيريد أن يرده أترى ذلك له أم تراه فوتا؟ قال لا. قال مالك والجارية يشتريها القوم فتستحق عندهم فتنصب. قال فقلت لمالك ما النصب قال تطبخ وتعمل وتغزل وتغسل وتعالج الأعمال وتستحق وتتخرج ويرتفع ثمنها بذلك أفهذا فوت قال مالك لا أرى هذا فوتا إن أحب أن يرد رد وإلا حبس ولا شيء له. قال فقلت لمالك فالصغير يشترى فيكبر أتراه فوتا؟ قال نعم وأرى أن يأخذ قيمة العيب منه على ما أحب أو كره البائع. قال وبلغني عن مالك أنه قال الهرم فوت. قال قلت لعبد الرحمن بن القاسم وتفسير العيب كيف يرجع به إن رجع أو يرد إن رد قال إن أراد أن يرجع المبتاع نظر إلى قيمة الجارية يوم باعها كم كانت قيمتها صحيحة ونظر كم قيمتها وبها العيب يوم باعها وقبضها فإن كان العيب الذي بها سدسها أو خمسها نظر إلى الثمن الذي نقد فيها فرد منه سدسه أو خمسه كان ذلك الثمن أكثر من القيمة أو أدنى فعلى هذا يحسب وإن أراد أن يردها نظر إلى قيمتها يوم اشتراها وبها العيب الذي اشتراها به ثم نظر إلى ما أصابها عند المشتري من العيب كم كان قيمتها يوم قبضها أن لو كان بها وتفسير ذلك أن يكون باعها وبه العيب وقيمتها ثمانون دينارا فأعورت عنده ولو كانت ذلك اليوم عوراء كانت قيمتها ستين فيرد ربع الثمن بعد ما طرحنا ما يصيب العيب الذي دلسه البائع من الثمن وأما العين التي ذهبت فيلزمه قيمتها يوم قبضها كمثل رجل ابتاع عبدين في صفقة واحدة بثمن واحد ثم مات أحدهما وبقي الآخر فيوجد به عيبا فأراد أن يرده فإنما ينظركم كم كان قيمة الباقي من صاحبه الهالك يوم قبضهما فإن كان الثلث أو النصف أو الربع رده ورجع فأخذ من الثمن إن كان الربع فالربع وإن كان النصف فالنصف وإن كان الثلث فالثلث من الثمن فالعبد الباقي مع الذي مات بمنزلة اليد والعين من الجسد بعد قيمة العيب الذي دلس له يقسم الثمن على العيب الذي دلس له على ما بقي من العبد ثم يطرح قدر العيب الذي دلس له به ثم ينظر إلى ما بقي فيكون ذلك ثمنا للعبد ثم ينظر إلى اليد أو العين كم كانت من العبد ذلك اليوم فإن كانت الربع أو الثلث رد ربع ما بقي من الثمن أو ثلثه بعد العيب الأول فهذا تفسير قول مالك في هذا. قال وسألت مالكا عن الرجل يبيع الأمة فيزوجها المشتري عبده ثم يجد بها عيبا فيريد ردها أله أن يردها؟ قال نعم. قال فقلت لمالك في النكاح أيفسخه البائع؟ قال لا وهو بمنزلة أن لو زوجها سيدها رجلا حرا فليس للبائع أن يفسخه إن ردها عليه. قال فقلت لمالك أفيرد في ذلك قيمة ما نقص الجارية النكاح قال إن كانت الجارية ممن ينقصها النكاح فعليه ما نقص من ثمنها. قال وربما ردها وقد نكحت وهي خير منها يوم باعها يردها ومعها ولد فيكون هو أكثر لثمنها فإن كان ذلك ينقصها فأرى أن يرد النقصان وإلا فليس للبائع شيء ويردها عليه المبتاع والنكاح ثابت. قلت أرأيت إن كان في الولد ما يجبر به عيبها الذي دخل من قبل النكاح أيكون له أن يجبر عيبها بالولد في قول مالك؟ قال نعم ألا ترى أن مالكا قال ربما ردها وولدها وقد زاد ذلك في ثمنها فهذا من قوله يدلك على أنه إنما أراد أن يجبر به. قال سحنون وقد قال غيره يردها وما نقصها النكاح وإنما زيادة ولدها فيها كمثل زيادة بدنها وجسمها وصنعة تحدث فيها فيرتفع لذلك ثمنها حتى تكون يوم يردها أفضل منها أن لو كان معها ولد وأكثر لثمنها وأشد جبرا لما نقص النكاح منها وقد قال مالك بن أنس في بعض هذا النماء مما يردها به وهو فيها ويغرم ما نقص العيب ولا يحسب له في جبر ما نقص العيب عنده شيء. قلت لابن القاسم أرأيت إن اشتريت عبدا بعبد فهلك العبد الذي دفعت وأصبت بالعبد الذي اشتريت عيبا فأردت أن أرده قال قال مالك يرده وله قيمة الغلام الذي دفع إليه لأنه ثمن هذا العبد. قال وإن نقص هذا الباقي الذي ظهر به العيب فلصاحبه أن يرده ولا شيء عليه في نقصانه إلا أن يكون نقصانه ذلك عيبا مفسدا مثل العور والشلل والقطع والصمم وما أشبه ذلك وأما كل عيب ليس بمفسد فإنه يرده بالعيب الذي ظهر عليه ولا شيء عليه في العيب الذي حدث عنده إذا كان ليس عيبا مفسدا وإن كان لم يهلك العبد الآخر ودخله نماء أو نقصان أو اختلاف من أسواق أو عتاقة أو كتابة أو دبره أو باعه أو كانت جارية فأحبلها ثم ظهر هذا الآخر على عيب بالعبد الذي عنده فإنه يرده وليس له من العبد الذي فات ودخله ما ذكرت لك من العتق وغيره قليل ولا كثير وإنما له قيمته يوم قبضه منه وليس له من الثمن الذي باعه به هذا شيء وإن كان باعه ولم يعتقه باعه بأقل من قيمته يوم قبضه أو بأكثر من قيمته فليس لهذا الذي يرد العبد بالعيب في هذا الثمن قليل ولا كثير وإنما له قيمة هذا العبد الذي دخله الفوت بالعتق أو بالبيع ويرد الذي أصاب به العيب ولا شيء له. قلت أرأيت إن اشتريت عبدا بطعام أو بشيء مما يكال أو يوزن كان مما يؤكل ويشرب أو كان مما لا يؤكل ولا يشرب فأصبت بالعبد عيبا وقد تلف الثمن الذي دفعت إليه فأردت رد العبد. قال مالك ترجع بمثل ما دفعت من الكيل والوزن فإن كان قد تلف ذلك الذي دفعته فإنما لك مثله. قلت فإن كنت ابتعت عبدا بعرض من العروض فأصبت به عيبا وقد تلف العرض عند الذي دفعته إليه. قال قال مالك يرجع عليه بقيمة ذلك العرض ولا يرجع عليه بعرض مثله. قال وما يوزن ويكال في هذا بمنزلة الدنانير والدراهم وأما العروض كلها فإنما له قيمتها إن كانت قد تلفت وإن كانت لم تتلف فإنه يرجع فيها إلا أن تكون فاتت بنماء أو نقصان أو اختلاف من أسواق أو بيع فإنما له قيمتها. قلت ما فرق ما بين العروض في هذا وبين ما يوزن ويكال في قول مالك قال لأن العروض لا يستطيع رد مثلها وهو حين قبضها وجبت عليه قيمتها يوم قبضها إن حالت عن حالها فإذا تلفت العروض عند الذي باع العبد فإنه يرجع عليه بقيمتها. قال وأما ما يوزن ويكال فلم يجب عليه فيه قيمة أن حال فهو وإن تلف فإنما له مثل كيله أو وزنه فكأنه أخذ شيئه بعينه.
|